عزيزي الطالب يعيش الإنسان تجارب متعدّدة في كلّ يوم من أيّام حياته، وتختلف هذه التجارب من حيث الأهميّة ودرجة الصّعوبة، ويمكن لنا أن نقول إنّ كلّ موقف لا يسير وفق تخطيطنا أو توقّعاتنا يعدّ مشكلة تتطلّب حلًّا، وبذا فإنّها تتطلّب استعدادًا يبيّن كيفيّة مواجهتها، ووفي هذه النّشرة سنتعرّف إلى مهارة حلّ المشكلات، والنّقاط الواجب اتّباعها عند حلّ المشكلة، بالإضافة إلى أهمّ السّمات الواجب توافرها في الشّخص ليكون ماهرًا في صنع القرارات واتّخاذها.
المشكلات التي توجهنا في حياتنا
الحياة بطبيعتها مليئة بالصّراعات والمشكلات التي يجب تخطيها للوصول إلى النجاح وتحقيق الأهداف، ويمكن أن تكون تلك المشكلات صغيرة وروتينية أو أن تكون مصيرية وتؤثر في حياة الفرد بشكل جذري، ولكنّها مهما صغرت أو كبرت فهي دائمًا متشابكة بعضها مع بعض، ويحتاج الإنسان إلى المرونة والقدرة على التّفكير بشكل منطقي حتى يستطيع التعامل معها، وهي مهارة لا يمتلكها كل الناس، ولكنّها مكتسبة ويمكن تعلّمها وصقلها بالدّربة والممارسة.
فن حل المشكلات
يمكن تعريف عمليّة حل المشكلات بأنّها عملية تفكيريّة يستخدم فيها الإنسان معارفه ومهاراته حتى يستجيب لموقف جديد وغير مألوف، وهناك طرق منهجيّة لحل المشكلات أو التعامل معها، وتختلف هذه الطرق باختلاف المشكلة نفسها، فبعض المشكلات قد تنتهي بالوصول إلى حلٍّ وبالتالي إنهاء المشكلة، وبعضها الآخر لا يمكن إنهاؤها ولكن يمكن التعايش معها وتقبّلها.
ولا يملك الإنسان أن يسيطر على حياته كاملة، فهناك دائمًا حيّز لا يمكن تغييره وهو ما يتجلّى في القدر والمنطق وغيرهما، فمثلًا يمكن أن يكون الإنسان مصاباً بمرض عضويّ لا يمكن الشفاء منه، وفي هذه الحالة يجب على الإنسان أن يتعايش معه ويجد حلولاً؛ حتى لا يوقف هذا المرض نشاطه وحياته بالكامل، أمّا إذا كانت المشكلة عرضيّةً ويمكن تغييرها بالفعل أو بالقول، فيجب على الإنسان أن يتحرّى الحلول المتاحة ويختار الأفضل منها لإنهاء المشكلة.
ويجب الحذر من أخذ رأي الآخرين ومشاورتهم فقط دون الاعتماد على الذّات؛ لأنّ صاحب المشكلة في النهاية هو وحده من سيعيش مع نتائجها، لذلك عليه أن يتحمّل مسؤوليّة مشاكله دون أن يلقي باللوم على غيره وعلى حلولهم ونصائحهم، فهم وإن كانوا يقصدون الخير لن يستطيعوا وضع أنفسهم في مكان صاحب المشكلة نفسه، وبالتالي لن يشعروا بشعوره ولن يروا ما يراه.
طريقة حل المشكلات
يمكن إيجاد حلول لأغلب المشكلات باتّباع الخطوات الآتية:
1- عزل المشكلة عن المشكلات الأخرى، التي قد تكون عبارة عن نتائج أو مسببات لهذه المشكلة، إذ يجب تحديدها بوضوح والنّظر إليها بعيدًا عن الانفعالات والعواطف، ثم تحديد الدور الذي يلعبه الشخص نفسه في هذه المشكلة، أي: أين يقع هو في هذه المشكلة؟ وكيف تؤثر فيه؟
وعليه التّفكير بحلول منطقية ومباشرة وفي متناول الشخص، لا أن يعتمد على الحظ، أو على شخص آخر، أو ظروف معيّنة.
2- توقع نتائج لكل حل من الحلول المنطقية، وتحديد مستلزمات تنفيذ كلٍّ منها، وهنا يجب تحديد المكاسب والخسائر التي يتسبّب بها كل حلٍّ، حتى يسهل تقييمه ودراسته، وانّ مقابل كل خوف ثقة بأن هناك ركن شديد نلجأ إليه وأنّ الله خلق للإنسان الحاجات حتى تصدر منه العبادات وان نلجأ إلى الله بالدعاء دائماً
3- تقييّم البدائل.
4- اختيار حل مناسب في ضوء التقييم السابق، ويمكنه حينئذٍ تقبّل خسائره إذا وقعت، والثقة إنّ كلّ مفقود وراءه عوض أفضل منه، وتحمّل مسؤولية هذا الاختيار، وعدم النّدم، ومعرفة أن الخسارة جزء من الحياة كما النّجاح كذلك.
5- الانتباه إلى أنّ عدم الاختيار وعدم اتخاذ قرار هو بذاته اتخاذ قرار، وهو خيار له تبعاته أيضًا من مكاسب وخسائر.
مهارات صنع القرار
يتطلّب حلّ المشكلة القدرة على اتخاذ القرار، ومن المهارات والصّفات التي تساعد على صنع القرار:
1- احترام الذات: وهو شعور الفرد بالرّضا عن نفسه، حتى وإن كان من حوله يعارضونه.
2- الثقة بالنفس: وهي أن يكون الفرد قادرًا على طلب ما يحتاجه من المعلومات، بالإضافة إلى قدرته على الرفض، أو التعبير عمّا يريده.
3- التفكير: إنّ اتخاذ القرار يحتاج إلى قدرة على التّفكير والتّخطيط، وهذا يأتي من خلال الممارسة والخبرة.
4- الاتّصال والتّواصل: وذلك من أجل أن يكون قادرًا على التعبير عما يريد والاستماع للآخرين وفهمهم.
وبعد، فعلينا أن نتذكّر أنّ كلّ قرار نتّخذه ستكون له نتائج وآثار، وبذا فالواجب أن ننظر في البدائل والحلول المتاحة ودراستها أثناء صنع القرار، واتّخاذ القرار الأكثر مناسبة لمشكلتنا وظروف معيشتنا، فما يناسب الآخرين ليس بالضّرورة أن يكون مناسبًا لنا، وما يناسبنا ليس بالضّرورة أن يكون مناسبًا للآخرين.
قسم الإرشاد التربويّ - 2023